لماذا ذرفت عيناه - صلى الله عليه وسلم - حين قُرئ عليه: (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد..)؟!
ولماذا مرض عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين سمع سورة الطور فظل الناس يعودونه شهرًا؟!
ولماذا أسلم مطعم بن عدي لما سمع: (أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون)؟!
ولماذا اهتدى الفضيل بن عياض حين سمع قوله - تعالى -: (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)؟!
ولا تزال نفس الآيات تتلى على مسامعنا؛ بل ونقرؤها.. لكننا لا نرى أثرًا لها في قلوبنا!
بل ولماذا ينفث على مريضنا بآيات من القرآن فلا نرى لها شفاء؟!
بينما شُفي ناس من صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قرئ عليهم القرآن، وشفي ابن القيم - رحمه الله - لما رقي نفثا بالفاتحة؟!
ولم لا نرى لحزن أحدنا جلاءً، ولهمّه انكشافًا، وهو يقرأ القرآن ويدعو بدعاء المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وهو الصادق المصدوق؟!
القرآن هو القرآن.. والدين حق.. وقوله - صلى الله عليه وسلم - حق..
لكن.. حين خلف من بعد أولئك خلف أقاموا حروف القرآن وضيعوا حدوده، قوم غفلوا عن الحكمة من تنزيل القرآن،
فعطّلوا أعمال القلب من التفكر والتدبر الذي يورث الخشوع والطاعة والعمل.
فالقراءة حين تكون ترديدًا ميتًا باللسان لا روح فيها ولا تدبر،
لا يحصل لها أثر ولا انتفاع، كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أقوام يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم، أي يتلونه بألسنتهم فحسب.